recent
أخبار ساخنة

موضوع عن مذهب الشك

خدمة الطالب
الصفحة الرئيسية

مذهب الشك
تعريف الجرجاني للشك:
قال الجرجاني في تعريفاته إن: الشك هو التردد بين النقيضين بلا ترجيح لأحدهما على الآخر عند الشاك، وقيل الشك ما استوى طرفاه، وهو الوقوف بين الشيئين لا يميل القلب إلى أحدهما، فإذا ترجح أحدهما ولم يطرح الآخر فهو ظن فإذا طرحه فهو غالب الظن وهو بمنزلة اليقين(1).
 مذهب الشك في الفلسفة الغربية:
الشك اتجاه فلسفي قديم نشأ في الفلسفة اليونانية على يد بيرون (ت: 275 ق.م) صاحب مذهب اللاأدرية كرد فعل على الفلسفة الرواقية، إذ امتنع عن الحكم على الأشياء بالإيجاب أو النفي؛ لأن الأشياء مظاهر لا يدري حقيقتها غير معترف بقدرة الحواس أو العقل، أو أي من أدوات المعرفة على تحقيق اليقين، ولذلك يدعو بيرون إلى الوقوف على الحياد دون المبالاة بشيء، سعياً وراء تحقيق الطمأنينة والسعادة، ولذا سمي شكه بالشك الأخلاقي، ثم تطور على يد السوفسطائيين أمثال بروتاجوراس وبورجياس (ت:380 ق.م) وغيرهما إلى القول باستحالة المعرفة وإنكار الحقائق المطلقة، وقالوا بإمكانية وجود الحقائق الجزئية المتعددة، وذلك على حسب تعدد الأفراد واختلاف الأحوال، إذ ردودها إلى الحس وحده(2).
ومذهب الشك هو العماد الذي يتكئ عليه الفكر الغربي المعاصر منذ أن دعا إلى الشك الفيلسوف رينيه ديكارت؛ إذ يقول: "أنا أشك إذن أنا موجود". والشك عند ديكارت هو خطوة التأمل الفلسفي الأولى والأساسية، وهو السبيل الأمثل للوصول إلى اليقين، وهو وسيلة للحصول على معرفة الحقيقة معرفة أكثر وضوحاً حين يقول: "الشك خطوة ضرورية لا بد من اتخاذها فخبرتي بالخطأ وتعرضي له منذ عهد بعيد واحتمال تجدده بفعل تلك الأحكام التي خضعت لها ولم أتبين صحتها، سواء كانت أحكاماً فرضها الغير من معلمين أو مرشدين، أو من وكّل إليهم أمري، أم أحكاماً فرضها عليّ الحس أو الخيال- وتعرضها للخطأ معروف- إن كل هذا يدعوني إلى الشك"(3).
أقسام الشك عند أصحابه:
1- الشك المنهجي، ويصفونه بالمعتدل، ويدّعون أن الغرض منه هو التوصل إلى الحقائق، ومن يأخذ بهذا الشك فهو أقرب إلى الموضوعية من الجامد أو الجاحد.
2- الشك المذهبي أو المعرفي؛ لأنه شك في أصل المعرفة، ويصفونه بالمتطرف: وهذا شك لا غرض منه سوى العبثية؛ لأنه هو في نفسه مذهب فلا ثوابت له، فصاحبه يشك ويشك في أنه يشك، وهو مذهب السوفسطائيين(4).
وهناك أنواع أخرى من الشك المطلق، كالشك الإيماني الذي غرضه الإيمان وليس الإنكار، فهو يعتمد على الوحي وحده، أو الكنيسة وحدها منبعاً للمعرفة، في الوقت الذي يفقد فيه الثقة في العقل والحواس، فالوحي بالمفهوم الكنسي هو مصدر الفكر عنده، وتقوم فلسفة هذا النوع على أساس عقيدة الخطيئة عند النصارى التي ظلت- في زعمهم- مرتبطة بأولاد آدم، عليه الصلاة والسلام، بعد أن عصي أمر ربه، ولذلك فإن الإنسان في نظرهم ملوث فطرياً وبذلك لا يستطيع أن يدرك الحقيقة على وجهها الصحيح، وبناء على ذلك فإن على الإنسان أن يسلم للوحي أو الكنيسة فقط في الحصول على المعرفة(5).
وهذا الشك قريب من شك المقلدة من الباطنية الذين يقولون أن الإنسان لا يخلق عالما، وإنما يكتسب العلم والمعرفة، وإن هذه المعرفة مصدرها الإمام المعصوم الذي حل فيه الإله، وليس مصدرها الوسائل المعرفة كالحس والعقل.
مذهب الشك عند أهل الكلام:
والشك كمذهب فلسفي كان له صداه في المحيط الإسلامي، وفي التراث الكلامي كثير من النصوص الدالة على تبني بعض المتكلمة من أصحاب الفرق لهذا المذهب، وعماد هذا المذهب عندهم يقوم على الشك في كل شيء، حتى ذهب البعض إلى القول بالشك في وجود الخالق- تبارك وتعالى- زعماً أن هذا الأمر يوصل إلى اليقين التام.
فقد روي عن أبي هشام الجبائي قوله: "أول الواجبات هو الشك لتوقف القصد إلى النظر عليه"(6).
وللغزالي مقولة يقول فيها: "الشكوك هي الموصلة إلى الحق . فمن لم يشك لم ينظر، ومن لم ينظر لم يبصر، ومن لم يبصر، بقي في العمى والضلال"(7). ولهذا يعده البعض رائداً للمتكلمين من أهل القبلة في مذهب الشك، لكنه رجع في أواخر حياته عن كل هذا، فنسأل الله له الرحمة.

google-playkhamsatmostaqltradent